الاثنين، ٢٠ أبريل ٢٠٠٩

إن أحسنت، أفلا رفع!



ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ. وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِياً لِلْغَنَمِ وَكَانَ قَايِينُ عَامِلاً فِي الأَرْضِ. 3وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَاناً لِلرَّبِّ 4وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضاً مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ 5وَلَكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدّاً وَسَقَطَ وَجْهُهُ. 6فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟ 7إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ. وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا».


غير مذكور لماذا نظر الرب إلى هابيل وقربانه ولم ينظر إلى قايين وقربانه. كثيراً ما نسقط تفكيرنا البشري على هذه الفقرة ونظن أن الله احتقر الخضروات ولم يسر بالإنتاج الزراعي وإنما يفضل الإنتاج الحيواني! وكأن الله "يحب اللحوم" لكن في الواقع لا يقدم النص الكتابي السبب. لعل السبب كان في الفرق بين التوجه القلبي بين قايين وهابيل. نحن أيضاً لا نعرف ما المقصود "بالنظر" وكيف كان ذلك عملياً. ربما ليس المطلوب منا أن نعرف ذلك فالمسكوت عنه في الكتاب هو في الأغلب ليس ما يريد الكتاب أن يقوله.
لكن ما الذي يريد أن يقوله؟
أظن أن المغزى في القصة هو تلك العبارة التي قالها الله لقايين وهو يريد هنا أن يقولها للجميع في كل العصور بغض النظر عن المناسبة أو الظرف المتغير:
«لِمَاذَا اغْتَظْتَ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟ إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ. وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا».
المشكلة هي في رد الفعل. الغيظ والاستياء الذي يتحول إلى مرارة وكراهية. هذه المرارة تقتل. تقتلنا عندما نفقد الأمل في التغيير وتجاوز المواقف مهما كانت. سواء كنا نحن الذين أخطئنا أم أخطأ أحدهم في حقنا. ما يريد الله أن يقوله هنا هو: " لا تعش في الماضي. انظر إلى المستقبل!" " يمكن أن يكون المستقبل أفضل" "يمكنك أن تفعل أفضل من ذلك!" " يمكن للخطية أن تُرفَع والتغيير أن يحدث".
لكنك إذا استسلمت للغضب والاستياء فسوف تدخل في دائرة مفرغة من الأخطاء تؤدي بك إلى ربما إلى القتل و الموت.
تذكر أنك صاحب القرار. الخطية لا تسود عليك وإنما « َأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا» أنت صاحب القرار. هذا الكلام يأتي في مواجهة صريحة مع الأفكار القدرية التي تفترض أن حدوث الأشياء "قدر ومكتوب". هنا يقول الكتاب المقدس. ليس الأمر قدر أو مكتوب. أنت تسود على قراراتك. أنت مخلوق على صورة الله حراً. الخطية تشتاق إليك. هناك ميل حقيقي للخطية فيك وكأن الخطية امرأة لعوب تشتاق إليك وتراودك عن نفسك. لكنك تستطيع أن تقول لها "لا". أنت حر ومُخَيَّر!
لقد تعلمت يا قايين أن ما تزرعه في الحقل هو الذي يخرج لك من باطن الأرض. كذلك الأمر أيضاً في حياتك الأخلاقية. إذا اخترت الشر فسيقترب إليك وإذا اخترت الخير فسيأتيك ويباعدك الشر.

نجد المسيح يردد ذلك في الموعظة على الجبل وكأنه يعيدنا إلى جنة عدن والغضب الذي اندلعت شرارته بين قايين وهابيل وأدى ذلك إلى أول جريمة قتل.
«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ.»
لقد بدأ "تفاعل" القتل عندما ترك قايين الغضب يأكل قلبه مع كونه قادر على السيادة عليه والتصرف فيه بطريقة أفضل.
فهل نتعلم؟

هناك ٣ تعليقات:

Shady يقول...

في داخلي تساؤل ازاي ربنا قال له أنت تسود عليها و هو لديه الطبيعة الساقطة؟؟
بس أنا مقتنع تماما بالفكرة أن لدي الحرية في الميسح وأستطيع أقول "لا" للخطية مهما كان لدي اشتياق لها "14فإن الخطية لن تسودكم ، لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة (رو 6 : 14)"

صحصح يقول...

اشعر بالخيانة .. علمونا في مدارس الأحد ان ذبيحة قايين كانت خضار.. سوري يعني (فاسد) ..
لكن مذكور برضه ان قايين قدم ( من ثمار) لكن هابيل قدم ( من بكورة الأغنام)، فهل ممكن ان هابيل اهتم اكتر فعلا ؟؟؟
المهم .. برضه حق قايين انه يتغاظ لكن زي ما حضرتك بتقول غلطه في التعامل مع الغيظ ده و تحويله لاستياء و مرار.

صحصح يقول...

اتطلع لبوست جديد.

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html