الاثنين، ٢٨ سبتمبر ٢٠٠٩

مدعو للازدهار














اَلأَصْحَاحُ التَّاسِعُ

وَبَارَكَ اللهُ نُوحاً وَبَنِيهِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلَأُوا الأَرْضَ. 2وَلْتَكُنْ خَشْيَتُكُمْ وَرَهْبَتُكُمْ عَلَى كُلِّ حَيَوَانَاتِ الأَرْضِ وَكُلِّ طُيُورِ السَّمَاءِ مَعَ كُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ وَكُلِّ أَسْمَاكِ الْبَحْرِ. قَدْ دُفِعَتْ إِلَى أَيْدِيكُمْ. 3كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَاماً. كَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ دَفَعْتُ إِلَيْكُمُ الْجَمِيعَ. 4غَيْرَ أَنَّ لَحْماً بِحَيَاتِهِ دَمِهِ لاَ تَأْكُلُوهُ. 5وَأَطْلُبُ أَنَا دَمَكُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَقَطْ. مِنْ يَدِ كُلِّ حَيَوَانٍ أَطْلُبُهُ. وَمِنْ يَدِ الإِنْسَانِ أَطْلُبُ نَفْسَ الإِنْسَانِ مِنْ يَدِ الإِنْسَانِ أَخِيهِ. 6سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ. لأَنَّ اللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ الإِنْسَانَ. 7فَأَثْمِرُوا أَنْتُمْ وَاكْثُرُوا وَتَوَالَدُوا فِي الأَرْضِ وَتَكَاثَرُوا فِيهَا».

تجديد العهد مع الإنسان
نلاحظ أن الله يجدد نفس العهد الذي قطعه مع آدم وحواء.

ـ أثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلَأُوا الأَرْضَ
هذه الوصية بداخلها أكثر من مضمون. الأول: مباركة العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة وأنها لاتزال مقدسة بعد السقوط كما كانت قبله. الثاني: الإنسان مفطور على أن يثمر ويكثر وهذا ليس معناه فقط التناسل والتكاثر الجسدي، وإنما أيضاً الخلق والإبداع الفني والعلمي وكل شيء من شأنه أن يُعلي من قيمة وعمق الحياة الإنسانية.

ـ وَلْتَكُنْ خَشْيَتُكُمْ وَرَهْبَتُكُمْ عَلَى كُلِّ حَيَوَانَاتِ الأَرْضِ وَكُلِّ طُيُورِ السَّمَاءِ مَعَ كُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ وَكُلِّ أَسْمَاكِ الْبَحْرِ. قَدْ دُفِعَتْ إِلَى أَيْدِيكُمْ,
هذه الوصية مضمونها أن الله يعطي الإنسان السلطان مرة أخرى برغم سقوطه وخطيته. وهذا مهم أن نفهمه لأن عطايا الله هي بلا ندامة. الله لا يتراجع عن قراره في كونه قد خلق الإنسان على صورته معطياً إياه القدرة على الخلق والإبداع والحرية والسلطان حتى وإن كان الإنسان يستخدم هذا السلطان لعصيان الله وإيذاء أخيه الإنسان. الدين يصور الله وكأنه جاثم على صدر الإنسان أو عين كبيرة تراقبانه لكي تتصيد له الأخطاء لكن العهد الذي يقدمه الكتاب المقدس هنا يتضمن أن الله يتراجع ويعطي السلطان للإنسان لكي يزرع ويحصد ما يزرعه إن كان خيراً وإن كان شراً.
الله يتدخل في مواقف خاصة لكنه بعد ذلك يأخذ خطوة للخلف ويعطي المساحة للإنسان لكي يعيش بحرية. الله أب صالح غير مسيطر وغير اعتمادي يسمح بالحرية لخليقته ويتركهم ليحققوا ذواتهم.
الإنسان الذي يستخدم حريته في الشر يحصد الشر إن آجلاً أو عاجلاً. و الإنسان الذي يستخدم حريته في البناء والتعمير فهو يحصد بناء وخلقاً وإبداعاً حتى وإن لم يؤمن بالله لكنه لا يحصد علاقة مع الله. أما الإنسان الذي يخضع لله ويعبده فإنه يحصد بالإضافة إلى ذلك علاقة روحية مع الله تجعل لحياته عمقاً في الأرض وأبدية مع الله بعد أن تنتهي الحياة على هذه الأرض أو تنتهي حياته هو هناك.

- قَدْ دُفِعَتْ إِلَى أَيْدِيكُمْ. 3كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَاماً. كَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ دَفَعْتُ إِلَيْكُمُ الْجَمِيعَ. 4غَيْرَ أَنَّ لَحْماً بِحَيَاتِهِ دَمِهِ لاَ تَأْكُلُوهُ. 5وَأَطْلُبُ أَنَا دَمَكُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَقَطْ.
نلاحظ هنا أن الله سمح بكل الحيوانات طعاماً بالرغم من الإشارة سابقاً إلى وجود حيوانات طاهرة وغير طاهرة. أعتقد أن هذا يشير إلى أن تقسيم الخليقة إلى طاهر وغير طاهر ليس جوهري في الخليقة وإنما هي مجرد "وسيلة إيضاح" جسدية منظورة للإشارة إلى الخطايا الروحية الحقيقية. وهذا ما أشرنا إليه سابقاً فيما يقوله بولس الرسول في العهد الجديد: لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ.
إذاً الطهر وعدم الطهر هو في توجهات الإنسان الروحية. الطهر هو خضوع الإنسان وإيمانه بالله وشكره على كل شيء يعطيه والنجاسة هي الطمع والأنانية والكبرياء والتمرد وعدم الإيمان.

- لأَنَّ اللهَ عَلَى صُورَتِهِ عَمِلَ الإِنْسَانَ
مرة أخرى يشير إلى هذه الحقيقية التي هي مصدر كل التشريع. أن الله خلق الإنسان على صورته. وصورة الله في الإنسان أمر جوهري فيه لا يغيره العصيان أو الخطية. هذه الصورة. أو الطبيعة الأخلاقية الروحية في الإنسان تجعل الباب مفتوحاً أمامه إلى الخير الأبدي فيعيش مع الله إلى الأبد، كما تجعل الباب مفتوحاً أيضاً للشر الأبدي عندما يعيش الإنسان إلى الأبد أيضاً، ولكن بعيداً عن الله.

- َفأَثْمِرُوا أَنْتُمْ وَاكْثُرُوا وَتَوَالَدُوا فِي الأَرْضِ وَتَكَاثَرُوا فِيهَا».
ثم يختم مرة أخرى بالتأكيد على دعوة الله للإنسان للنمو. فالحقيقتان الجوهريتان، كما يظهر من التكرار، هو أن الإنسان مخلوق على صورة الله ومدعو للنجاح والازدهار.

الخميس، ١٠ سبتمبر ٢٠٠٩

العبادة لله


الإصحاح الثامن

ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ نُوحاً وَكُلَّ الْوُحُوشِ وَكُلَّ الْبَهَائِمِ الَّتِي مَعَهُ فِي الْفُلْكِ. وَأَجَازَ اللهُ رِيحاً عَلَى الأَرْضِ فَهَدَأَتِ الْمِيَاهُ. 2وَانْسَدَّتْ يَنَابِيعُ الْغَمْرِ وَطَاقَاتُ السَّمَاءِ فَامْتَنَعَ الْمَطَرُ مِنَ السَّمَاءِ. 3وَرَجَعَتِ الْمِيَاهُ عَنِ الأَرْضِ رُجُوعاً مُتَوَالِياً. وَبَعْدَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْماً نَقَصَتِ الْمِيَاهُ 4وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ. 5وَكَانَتِ الْمِيَاهُ تَنْقُصُ نَقْصاً مُتَوَالِياً إِلَى الشَّهْرِ الْعَاشِرِ. وَفِي الْعَاشِرِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ظَهَرَتْ رُؤُوسُ الْجِبَالِ.
وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَرْبَعِينَ يَوْماً أَنَّ نُوحاً فَتَحَ طَاقَةَ الْفُلْكِ الَّتِي كَانَ قَدْ عَمِلَهَا 7وَأَرْسَلَ الْغُرَابَ فَخَرَجَ مُتَرَدِّداً حَتَّى نَشِفَتِ الْمِيَاهُ عَنِ الأَرْضِ. 8ثُمَّ أَرْسَلَ الْحَمَامَةَ مِنْ عِنْدِهِ لِيَرَى هَلْ قَلَّتِ الْمِيَاهُ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ 9فَلَمْ تَجِدِ الْحَمَامَةُ مَقَرّاً لِرِجْلِهَا فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ إِلَى الْفُلْكِ لأَنَّ مِيَاهاً كَانَتْ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَهَا وَأَدْخَلَهَا عِنْدَهُ إِلَى الْفُلْكِ. 10فَلَبِثَ أَيْضاً سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَادَ فَأَرْسَلَ الْحَمَامَةَ مِنَ الْفُلْكِ 11فَأَتَتْ إِلَيْهِ الْحَمَامَةُ عِنْدَ الْمَسَاءِ وَإِذَا وَرَقَةُ زَيْتُونٍ خَضْرَاءُ فِي فَمِهَا. فَعَلِمَ نُوحٌ أَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ قَلَّتْ عَنِ الأَرْضِ. 12فَلَبِثَ أَيْضاً سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ وَأَرْسَلَ الْحَمَامَةَ فَلَمْ تَعُدْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ أَيْضاً.
وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَالسِّتِّ مِئَةٍ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ الْمِيَاهَ نَشِفَتْ عَنِ الأَرْضِ. فَكَشَفَ نُوحٌ الْغِطَاءَ عَنِ الْفُلْكِ وَنَظَرَ فَإِذَا وَجْهُ الأَرْضِ قَدْ نَشِفَ. 14وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ جَفَّتِ الأَرْضُ.
وَأَمَرَ اللهُ نُوحاً: 16«اخْرُجْ مِنَ الْفُلْكِ أَنْتَ وَامْرَأَتُكَ وَبَنُوكَ وَنِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ. 17وَكُلَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي مَعَكَ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ: الطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ وَكُلَّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ أَخْرِجْهَا مَعَكَ. وَلْتَتَوَالَدْ فِي الأَرْضِ وَتُثْمِرْ وَتَكْثُرْ عَلَى الأَرْضِ». 18فَخَرَجَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَامْرَأَتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ مَعَهُ. 19وَكُلُّ الْحَيَوَانَاتِ وَكُلُّ الطُّيُورِ كُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ كَأَنْوَاعِهَا خَرَجَتْ مِنَ الْفُلْكِ.

• بعد الدمار يأتي الإعمار وبعد الموت تأتي الحياة.
• صحيح أن الحياة هشة ومهددة دائماً بالموت والفناء بكل صورة. الطوفان والأعاصير والزلازل والبراكين من ناحية والأمراض والأوبئة من ناحية أخرى والحروب والقتل من ناحية ثالثة. لكن الله يستمر في إمداد الخليقة بقوة الحياة والوجود.
• البشر يميلون للشر، لكن يظل الخير فيهم موجوداً والله كما يعاقب الشر بحزم، يستمر في رعاية الخير الذي في قلوب البشر لينمو ويمتد ويتأصل. هذا هو المفهوم الأساسي لملكوت الله في الأرض.
• ظلت الحمامة وغصن الزيتون رمزين للسلام.
• يكرر الله لنوح ونسله نفس التكليف الإلهي لآدم وحواء الإثمار والإكثار: « لْتَتَوَالَدْ فِي الأَرْضِ وَتُثْمِرْ وَتَكْثُرْ عَلَى الأَرْضِ».

وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ. 22مُدَّةَ كُلِّ أَيَّامِ الأَرْضِ زَرْعٌ وَحَصَادٌ وَبَرْدٌ وَحَرٌّ وَصَيْفٌ وَشِتَاءٌ وَنَهَارٌ وَلَيْلٌ لاَ تَزَالُ».

• بناء المذبح.....
في هذه المرحلة من تعامل الله مع الإنسان كان بناء المذبح إشارة للنية لعبادة الله. فكرة الذبيحة هي أن الله أهم من هذه الحياة الأرضية. وعندما يبني الإنسان مذبح يقصد أن يقول أنه يعبد الله ويرى في الوجود ما هو أسمى من المنظور والملموس حتى أنه يذبح حيواناً ويقدمه لله. ليس أن الله يحتاج إلى دم حيوانات ليرضى (كما كان الحال في الديانات الوثنية المعاصرة لذلك الوقت) فالمزمور الخمسون يقول:
1إِلهُ الآلِهَةِ الرَّبُّ تَكَلَّمَ، وَدَعَا الأَرْضَ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا. 2مِنْ صِهْيَوْنَ، كَمَالِ الْجَمَالِ، اللهُ أَشْرَقَ. 3يَأْتِي إِلهُنَا وَلاَ يَصْمُتُ. نَارٌ قُدَّامَهُ تَأْكُلُ، وَحَوْلَهُ عَاصِفٌ جِدًّا. 4يَدْعُو السَّمَاوَاتِ مِنْ فَوْقُ، وَالأَرْضَ إِلَى مُدَايَنَةِ شَعْبِهِ: 5«اجْمَعُوا إِلَيَّ أَتْقِيَائِي، الْقَاطِعِينَ عَهْدِي عَلَى ذَبِيحَةٍ». 6وَتُخْبِرُ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ، لأَنَّ اللهَ هُوَ الدَّيَّانُ. سِلاَهْ.
7«اِسْمَعْ يَا شَعْبِي فَأَتَكَلَّمَ. يَا إِسْرَائِيلُ فَأَشْهَدَ عَلَيْكَ: اَللهُ إِلهُكَ أَنَا. 8لاَ عَلَى ذَبَائِحِكَ أُوَبِّخُكَ، فَإِنَّ مُحْرَقَاتِكَ هِيَ دَائِمًا قُدَّامِي. 9لاَ آخُذُ مِنْ بَيْتِكَ ثَوْرًا، وَلاَ مِنْ حَظَائِرِكَ أَعْتِدَةً. 10لأَنَّ لِي حَيَوَانَ الْوَعْرِ وَالْبَهَائِمَ عَلَى الْجِبَالِ الأُلُوفِ. 11قَدْ عَلِمْتُ كُلَّ طُيُورِ الْجِبَالِ، وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ عِنْدِي. 12إِنْ جُعْتُ فَلاَ أَقُولُ لَكَ، لأَنَّ لِي الْمَسْكُونَةَ وَمِلأَهَا. 13هَلْ آكُلُ لَحْمَ الثِّيرَانِ، أَوْ أَشْرَبُ دَمَ التُّيُوسِ؟ 14اِذْبَحْ للهِ حَمْدًا، وَأَوْفِ الْعَلِيَّ نُذُورَكَ، 15وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي».
وإنما هي نية التضحية بما هو مادّي ووقتي في سبيل ما هو روحي وأبدي علامة على عبادة الله واستيعاب العالم الروحي.

• البهائم والطيور الطاهرة وغير الطاهرة. أيضاً ليس أن الله خلق شيئاً غير طاهر. فكل خليقة الله طاهرة كما نرى في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس في العهد الجديد
1وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، 2فِي رِيَاءِ أَقْوَال كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، 3مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. 4لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، 5لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ.
(نلاحظ أن العهد الجديد يجعلنا نفهم العهد القديم بصورة أكثر عمقاً وروحانية)

لكن كان المقصود، في هذه الفترة المبكرة من تطور الفكر الروحي أن يستخدم الله الحيوانات كوسائل إيضاح ليعلم الإنسان الطهارة وعدم الطهارة. وعندما جاء المسيح علمنا أن الطاهر والنجس ليس ما يدخل فم الإنسان من طعام أو شراب بل ما يخرج منه من كلام ينم عن توجهات قلب طاهرة أو نجسة.

10ثُمَّ دَعَا الْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ:«اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. 11لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ». 12حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوالَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟» (متى 15: 10- 12)
مرة أخرى الأهم هو السلوك الذي يسلكه الإنسان والأكثر أهمية هو قلب الإنسان وتوجهاته الداخلية التي تعبر السلوكيات عنها. هذا ما يعبر عنه النص هنا بتعبير " تصورات قلب الإنسان"

* تنسم الرب رائحة الرضا. بناء نوح لمذبح دليل على أنه لا يزال في الأرض من توجهه القلبي هو توجه العبادة لله. من يرى في الحياة ما هو أبعد من المادي والملموس. عندما يرى الإنسان في الحياة فقط المادي والملموس فهو قد مات روحياً وهذا هو الموت الحقيقي عند الله. لذلك سوف نجد في العهد القديم في مرات كثيرة أن يختار الله الموت الجسدي لمن ماتوا بالفعل روحياً لعل هذا يؤدي إلى الإحياء الروحي لآخرين. وهذا الإحياء الروحي هو بأن يتوبوا ويعودوا إلى الله. هذا ما فعله نوح وبالتالي اطمأن الله لوجود صوت في الأرض يساعد البشر أن يحيوا روحياً. وهذه هي الحياة الحقيقية. لذلك قال الله: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ ... وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ. ».
 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html