الثلاثاء، ١١ أغسطس ٢٠٠٩

الطاهر والنجس والمعنى الروحي لقصة الطوفان


الإصحاح السابع

وَقَالَ الرَّبُّ لِنُوحٍ: «ادْخُلْ أَنْتَ وَجَمِيعُ بَيْتِكَ إِلَى الْفُلْكِ لأَنِّي إِيَّاكَ رَأَيْتُ بَارّاً لَدَيَّ فِي هَذَا الْجِيلِ. 2مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ تَأْخُذُ مَعَكَ سَبْعَةً سَبْعَةً ذَكَراً وَأُنْثَى. وَمِنَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ اثْنَيْنِ: ذَكَراً وَأُنْثَى. 3وَمِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ أَيْضاً سَبْعَةً سَبْعَةً: ذَكَراً وَأُنْثَى. لِاسْتِبْقَاءِ نَسْلٍ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. 4لأَنِّي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَيْضاً أُمْطِرُ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَأَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ كُلَّ قَائِمٍ عَمِلْتُهُ». 5فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ الرَّبُّ.

  • البهائم الطاهرة والبهائم غير الطاهرة. سوف يأتي بعد ذلك في سفر اللاويين تفصيلات عما هو طاهر وما غير طاهر من الحيوانات (على سبيل المثال الخنزير). مرة أخرى الوحي ليس حرفياً بل هو روحيّ. ليس المقصود من هذا المكتوب هو العداء لبعض الحيوانات فكلها خليقة الله التي قال عنها من البداية أنها حسنة ويأتي العهد الجديد بعد ذلك ليؤكد على هذه الحقيقة قائلاً أن "كل خليقة الله طاهرة" ولكن ما كان الله يريد أن يرسخه في أذهان الناس في ذلك الوقت هو مفهوم الخطأ والصواب وكان يستخدم الحيوانات "كوسائل إيضاح". وسيلة الإيضاح دورها أن "تجسد" المفاهيم الروحية المجردة في صورة مادية ملموسة. المفهوم المجرد الذي أراد الله أن يرسخه هو مفهوم الخطأ والصواب، فاستخدم له وسيلة إيضاح هي الحيوانات الطاهرة والنجسة. بعد نمو العقلى البشري العام نستطيع الآن أن نستوعب المفهوم المعنوي المجرد بدون وسائل إيضاح فيمكننا عندئذ أن نتجاوز حرفية هذه الطقوس والوصايا.

الطوفان

وَلَمَّا كَانَ نُوحٌ ابْنَ سِتِّ مِئَةِ سَنَةٍ صَارَ طُوفَانُ الْمَاءِ عَلَى الأَرْضِ 7فَدَخَلَ نُوحٌ وَبَنُوهُ وَامْرَأَتُهُ وَنِسَاءُ بَنِيهِ مَعَهُ إِلَى الْفُلْكِ مِنْ وَجْهِ مِيَاهِ الطُّوفَانِ. 8وَمِنَ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ وَمِنَ الطُّيُورِ وَكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ: 9دَخَلَ اثْنَانِ اثْنَانِ إِلَى نُوحٍ إِلَى الْفُلْكِ ذَكَراً وَأُنْثَى. كَمَا أَمَرَ اللهُ نُوحاً.

وَحَدَثَ بَعْدَ السَّبْعَةِ الأَيَّامِ أَنَّ مِيَاهَ الطُّوفَانِ صَارَتْ عَلَى الأَرْضِ. 11فِي سَنَةِ سِتِّ مِئَةٍ مِنْ حَيَاةِ نُوحٍ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ انْفَجَرَتْ كُلُّ يَنَابِيعِ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ وَانْفَتَحَتْ طَاقَاتُ السَّمَاءِ. 12وَكَانَ الْمَطَرُ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. 13فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ دَخَلَ نُوحٌ وَسَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ بَنُو نُوحٍ وَامْرَأَةُ نُوحٍ وَثَلاَثُ نِسَاءِ بَنِيهِ مَعَهُمْ إِلَى الْفُلْكِ. 14هُمْ وَكُلُّ الْوُحُوشِ كَأَجْنَاسِهَا وَكُلُّ الْبَهَائِمِ كَأَجْنَاسِهَا وَكُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا وَكُلُّ الطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا: كُلُّ عُصْفُورٍ كُلُّ ذِي جَنَاحٍ. 15وَدَخَلَتْ إِلَى نُوحٍ إِلَى الْفُلْكِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ. 16وَالدَّاخِلاَتُ دَخَلَتْ ذَكَراً وَأُنْثَى مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ. وَأَغْلَقَ الرَّبُّ عَلَيْهِ.

وَكَانَ الطُّوفَانُ أَرْبَعِينَ يَوْماً عَلَى الأَرْضِ. وَتَكَاثَرَتِ الْمِيَاهُ وَرَفَعَتِ الْفُلْكَ فَارْتَفَعَ عَنِ الأَرْضِ. 18وَتَعَاظَمَتِ الْمِيَاهُ وَتَكَاثَرَتْ جِدّاً عَلَى الأَرْضِ فَكَانَ الْفُلْكُ يَسِيرُ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 19وَتَعَاظَمَتِ الْمِيَاهُ كَثِيراً جِدّاً عَلَى الأَرْضِ فَتَغَطَّتْ جَمِيعُ الْجِبَالِ الشَّامِخَةِ الَّتِي تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ. 20خَمْسَ عَشَرَةَ ذِرَاعاً فِي الارْتِفَاعِ تَعَاظَمَتِ الْمِيَاهُ فَتَغَطَّتِ الْجِبَالُ. 21فَمَاتَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ كَانَ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ وَالْوُحُوشِ وَكُلُّ الزَّحَّافَاتِ الَّتِي كَانَتْ تَزْحَفُ عَلَى الأَرْضِ وَجَمِيعُ النَّاسِ. 22كُلُّ مَا فِي أَنْفِهِ نَسَمَةُ رُوحِ حَيَاةٍ مِنْ كُلِّ مَا فِي الْيَابِسَةِ مَاتَ. 23فَمَحَا اللهُ كُلَّ قَائِمٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ: النَّاسَ وَالْبَهَائِمَ وَمَا يَدِبُّ وَطُيُورَ السَّمَاءِ فَانْمَحَتْ مِنَ الأَرْضِ. وَتَبَقَّى نُوحٌ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ فَقَطْ. 24وَتَعَاظَمَتِ الْمِيَاهُ عَلَى الأَرْضِ مِئَةً وَخَمْسِينَ يَوْماً.

  • هناك تقليد عن الطوفان في الكثير من الثقافات المعاصرة للثقافة العبرانية كملحمة جلجامش في حضارة ما بين النهرين. كما توجد بعض أساطير الطوفان في الثقافة اليونانيةً[1] وربما كان منشأ هذا التقليد في أرض ما بين النهرين لكون هذه المنطقة تعيش في حالة تهديد مستمر بفيضان الأنهار[2]
  • ما الذي جعل مثل هذا التقليد منتشراً في ثقافات عديدة؟

ربما هو:

شعور الإنسان بهشاشة الحياة البشرية

خوف الإنسان من الدمار

الرجاء في إعادة إعمار الأرض والبداية من جديد.

  • فهذه إذاً قصة اليأس والرجاء مختلطين ، الدمار والعمار ، الدينونة الخلاص. ألا يشبه هذا موت المسيح وقيامته ، ألا يمكن أن تشير هذه القصة إشارة ولو بعيدة إلى موت وقيامة المسيح؟ ليس المهم أن تكون حدثت تاريخياً أم لا ولكن المهم هو المعاني اللاهوتية المجردة التي وراء قصة الطوفان.

- الله هو الخالق وهو صاحب الخليقة وصاحب حرية التصرف فيها.

- الله بار ويعاقب الخطية.

- الخطية أمر مأساوي يمكن أن يؤدي لدمار الجنس البشري كله والحيوانات أيضاً.

- الله يصنع الحياة من بين أشلاء الموت.


[1] كان ديوكاليون ابن بروميثيوس ، وكانت زوجته بورا ابنة أخيه إبيميثيوس ولهذا نصح بروميثيوس ابنه أن يصنع صندوقاً ذا شكل خاص ويكدس فيه أنواع المواد الغذائية ومن يحتاج هو وزوجته من ثياب. انتهى ديوكاليون من عمل الصندوق وتجهيزه بما يحتاج ، ولم يكن يعبأ بتساؤلات الناس وسخرياتهم. حتى إذا أحاطت المياه بكل شيء ،نجا ديوكاليون وزوجته ليعيدا نشر الحياة من جديد. ( معتقدات يونانية ورومانية ، د. كامل سعفان . ص 61 دار الندى 1997)

[2] ولكن لكون هذه القصة موجود في ثقافات تقطن أماكن جعرافية مختلفة لكنا نتوقع كوارث طبيعية مختلفة مثل البراكين أو الزلازل أو خلافه. لكن ربما طغيان المياه هو أمر يرجع إلى فكرة عودة الفوضى المائية التي كانت قبل خلق الله للنظام في العالم!!

هناك ٣ تعليقات:

Shady يقول...

أهلا بحضرتك تاني يا دكتور
مش عارف أفهم كيف يمكن ترسيخ مفهوم الصواب و الخطأ باطلاق على بعض الحيوانات أنها نجسة و أخرى أنها طاهرة ؟؟

غير معرف يقول...

من بين المعاني الروحيه التي تشجعني شخصيا في قصة الطوفان , هي أن الانسان دائما ومهما كانت الظروف والتحديات يستطيع بمعونة الله أن يبدأ من جديد . فمحبة الله وعطفه يمنحانا الفرصه الثانيه التي نحتاج اليها ..وفي هذا أمل بلا حدود. دعــاء عيـــاد

كنت مثلية و الآن مشفية يقول...

بعد كل موت هناك قيامة .. و بعد كل دمار هناك اعمار ..

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html